آل يوسف؛ إحدى عشائر قبيلة علكم الهول، في منطقة عسير، والتي وصفها الكابتن كيناهان كورنسواليس في كتابه "عسير قبل الحرب العالمية الأولى" حيث يقول في عشيرة آل يوسف: العشيرة الرئيسة لعلكم السهل.
تقع قرية آل يوسف شمال مدينة أبها، عاصمة منطقة عسير، في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، في منطقة جبلية ضمن سلسلة جبال السروات، التي تشتهر بتضاريسها الوعرة والمرتفعات الجبلية، المنطقة تتميز بالجبال المغطاة ببعض النباتات والوديان العميقة، وترتفع قرية آل يوسف عن سطح البحر بما يقارب 2000 إلى 2500 متر، مما يمنح القرية موقعاً مرتفعاً يتميز بأجوائه المعتدلة صيفاً والباردة شتاءً.
مناخ منطقة عسير، بما في ذلك قرية آل يوسف، معتدل نسبياً مقارنة بالمناطق الصحراوية في السعودية. الصيف معتدل مع درجات حرارة تتراوح بين 20-30 درجة مئوية، بينما الشتاء بارد ورطب، وقد تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من 10 درجات مئوية.
وهي قرية مطيرة؛ فهي تتلقى أمطاراً موسمية وفيرة، خاصة خلال الربيع والصيف (الرياح الموسمية)، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق خصوبة في المملكة.
ويتولى الشيخ الجليل محمد بن شاهر أبو صلام نيابة (رياسة) عشيرة آل يوسف، والتي تتشكل من أحلاف قبلية من جمع من الأسر الكريمة، كعادة القبائل العربية منذ قديم التاريخ على التناصر والتعاون والاجتماع، وقد تحالفت عشيرة آل يوسف على نهج شرعي من التكاتف والأخوة والمحبة، والنصرة والمنعة، على مكارم الأخلاق، وعلى ما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، تحت راية التوحيد خلف قيادتنا المباركة من آل سعود.
وقد تنوعت هذه الأسر تنوعاً حضارياً يعكس تاريخ المنطقة الذي جمع القبائل العربية قحطانيها مع نزاريها، وعدنانيها مع كهلانيها، وتعكس تحولات الزمان، والتي يصف واقعُ المنطقةِ تاريخَها، والتي وصفها الهمداني بأنها "يمانية تنزرت".
ولا تزال هذه التحالفات تمد العشيرة بخيرة أبناء العرب، كان آخر هذه التحالفات حلف آل أبو عشي، والذي تشرفنا جميعاً بانضمامهم القبلي إلى عشيرة آل يوسف في 26 رجب 1439هـ.
وعشيرة آل يوسف هي أحدى عشائر تلادة عبدل والتي تشكل مع أخواتها من التحالفات قبيلة علكم.
وقرية آل يوسف سميت باسم ساكنيها، كما ورد ذلك في كتاب "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، وهو اسم حميري قديم، تحمله أسرة آل قطنان (وهو الاسم القديم لآل موسى) وهي الأسرة الأقدم في قرية آل يوسف، والتي ارتبطت بتراب هذه القرية وآثارها من القصاب الحربية الثلاث والمباني التراثية القديمة، والتي ورثتها هذه الأسرة من أجدادها منذ مئات السنين.
وتكمن أهمية هذه القصاب أنها علامات حربية لخطوط التجارة والحج التي كانت تحميها القوى الكبرى التي كانت تحكم المنطقة منذ حكم الحميريين إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وكانت الدول ترعاها وتصونها، وآخر تلك العهود ذكراً في كتب التاريخ كانت الدولة العباسية في أواخر القرن الثالث الهجري ... المزيد.
وآل يوسف تعد من ضواحي مدينة أبها، والتي كانت قديماً جزءً من مخلاف (منطقة) جُرش، وهو الاسم القديم لمنطقة أبها، ومن المعلوم أن أبها لم تكن عاصمة لمخلاف جرش إلا بعد الحكم العثماني، وكانت قرية صغيرة في طريق الحج والتجارة اليمانية، وفي فترة الحكم العثماني ظهر اسم عسير كاسم للمنطقة، وأبها كعاصمة لها.
قرية آل يوسف هي أحدى قرى علكم، وقبيلة علكم قبيلة تسكن مدينة أبها والمناطق المحيطة بها.
أما تاريخ تأسيس مدينة أبها يعود إلى زمن قديم جدًا، حيث تشير بعض المصادر التاريخية إلى أنها كانت موجودة منذ حوالي 800 عام قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 2800 عام.
وقد حملت المدينة أسماء مختلفة عبر العصور، منها:
هيفاء أو إيفا:
في عصر مملكة سبأ، حوالي 600 قبل الميلاد، ويُقال أنها كانت الموقع الذي تُحمّل منه هدايا الملكة بلقيس إلى النبي سليمان عليه السلام.
مناظر:
عندما كانت بلدة صغيرة في الماضي.
السراة:
كما ورد في كتاب "فرجة الهموم والحزن في حوادث اليمن".
ويُرجّح أن اسم "أبها" مُشتق من موقعها بين الجبال وسفوح الأودية، أي في "الأبهاء" الواسعة من الأرض.
مرّت أبها في العصر الحديث بفترات حكم مختلفة، منها:
الحكم العثماني:
ابتداءً من عام 1834م بقيادة محمد علي باشا، واستمر حتى انسحاب الدولة العثمانية عام 1918م.
حكم الشريف الحسين بن علي:
لفترة قصيرة أقل من سنة بعد انسحاب العثمانيين.
ثم الانضمام إلى الدولة السعودية المباركة:
في عام 1919م، ضُمّت أبها إلى الوحدة تحت قيادة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
وأبها تاريخياً هي جزء من مخلاف جرش؛ والذي يشمل ويضم أغلب أقاليم عسير، وبخاصة الأجزاء السروية، حيث أن اسم جرش لم يكن يشمل المدينة فقط، وإنما كان يطلق على أغلب بلاد عشائر قحطان وشهران وعسير. وبهذا الامتداد، فإن القسم الشرقي من المخلاف، وربما كان يبعد قليلاً.
قيل أن "أسعد أبا كرب" (مؤسس وأول ملوك عصر ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويَمَنة وأعرابهم في الطود وتهامة) خرج غازياً من اليمن غزوته الأولى وعندما وصل إلى موقع جرش بأرض السراة رأى موضعاً به عدد قليل من السكان وكثير الخيرات، فترك به بعضاً من أتباعه، فقالوا بما نعيش. فقال: «اجترشوا من هذه الأرض وأثيروها واعمروها»، فسميت جرش، وقد أورد ياقوت الحموي هذه القصة إلا أنه لم يتفق قوله مع هذه الرواية، وإنما يرى بأن بعض من قومه تحيروا وضعفوا عن اللحاق بالجيش، فقال لهم «اجرشوا هاهنا»، أي البثوا، فسميت جرش بذلك.
و"أسعد أبا كرب" هذا هو (أبي كرب أسعد بن ملكي كرب بن قيس (ثأران) بن زيد (ذمار علي) بن عمرو ذو الأذعار بن العبد ذو الأشرار بن أبرهة ذو المنار بن الحارث الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان).
وهو مؤسس وأول ملوك عصر ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويَمَنة وأعرابهم في الطود وتهامة؛ فملوك اليمن حكموا مناطق جغرافية مختلفة، من ضمنها مناطق جبلية تُعرف بـ "السراة" والتي قد يُشار إليها مجازًا بـ "الطود" بمعنى الجبل الشاهق، إضافة إلى مناطق تهامة الساحلية.
ولتوضيح ذلك بشيء من التفصيل، نستعرض النقاط التالية:
تهامة:
هي المنطقة الساحلية المنخفضة على طول البحر الأحمر في غرب شبه الجزيرة العربية، وتمتد من جنوب الأردن شمالاً حتى اليمن جنوبًا. كانت تهامة جزءًا مهمًا من الممالك اليمنية القديمة، مثل مملكة سبأ وحمير، حيث كانت تُستخدم كمنافذ تجارية وموانئ بحرية.
السراة:
هي المنطقة الجبلية المرتفعة التي تمتد بموازاة ساحل البحر الأحمر من شمال غرب شبه الجزيرة العربية إلى جنوبها. تُعتبر السراة جزءًا من سلسلة جبال السروات، وتتميز بتضاريسها الوعرة وارتفاعها الشاهق. كانت السراة أيضًا جزءًا من نطاق نفوذ الممالك اليمنية، وكانت تُستخدم كمناطق زراعية ورعوية ومناطق دفاعية.
الطود:
في اللغة العربية، يُطلق "الطود" على الجبل العظيم أو الشاهق. وقد يُستخدم هذا المصطلح مجازًا للإشارة إلى المناطق الجبلية بشكل عام، بما في ذلك السراة.
العلاقة بين المصطلحات: يمكن فهم العلاقة بين هذه المصطلحات كالتالي:
تهامة هي منطقة جغرافية محددة (السهل الساحلي).
السراة هي منطقة جغرافية محددة أيضًا (المرتفعات الجبلية).
الطود وصف عام للجبال الشاهقة، وقد يُستخدم للإشارة إلى جبال السراة على سبيل المجاز.
ملوك اليمن، مثل ملوك سبأ وحمير، لم يحكموا منطقة واحدة فقط، بل حكموا مناطق جغرافية متنوعة تشمل تهامة والسراة وأجزاء أخرى من شبه الجزيرة العربية. لذلك، من الأدق القول إنهم حكموا "تهامة والسراة" أو "المناطق الساحلية والجبلية" في اليمن، بدلاً من القول "ملوك الطود وتهامة".
وخلاصة القول؛
لا توجد منطقة محددة تُعرف تاريخيًا باسم "الطود" كانت تُحكم بشكل منفصل عن تهامة. "الطود" هو وصف للجبال الشاهقة، وقد يُستخدم مجازًا للإشارة إلى جبال السراة التي كانت جزءًا من نطاق حكم الممالك اليمنية، بالإضافة إلى تهامة الساحلية.
بمعنى آخر، مصطلح "ملوك الطود وتهامة" هو تبسيط لوصف نطاق حكم ملوك اليمن الذي شمل مناطق جبلية وهي السراة، والتي قد يُشار إليها مجازًا بـ (الطود) والمناطق الساحلية يُشار إليها مجازاً بـ(تهامة).
ومن ناحية أخرى؛
يذكر "البكري" قولاً آخر في تسمية جرش بهذا الاسم؛ أنها سميت بجرش نسبة إلى "جرش بن أسلم" كونه أول من سكنها، ويتفق ياقوت الحموي مع البكري نقلاً عن أبي المنذر هشام، فيذكر أن جرش بن أسلم هو "منبه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وآل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ"، وهو أول من سكن جرش فسميت باسمه، وهناك بعض من علماء النسب من يضع هذا القول كابن حزم الأندلسي والوزير المغربي اللذين يؤكدان بأن جرش أحد أبناء أسلم بن زيد الحميري، ويذكر ياقوت الحموي رأياً آخر نقلاً عن أبي المنذر هشام بن الكلبي قوله: «جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا وكان الذي جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحر فشرد الثور فطلبه فاشتد تعبه فحلف لئن ظفر ليذبحنه ثم يجرش الشعير وليدعون على لحمه فأدركه بذات القصص عند قلعة جرش وكل من أجابه وأكل معه يومئذ كان جرشياً»، ولم يذهب ياقوت بعيداً عن الرأي الذي قاله البكري نقلاً عن كتب النسب المبكرة ولكن لم يرد في الرواية ذكر جرش وإنما ورد باسم زيد بن أسلم بينما ورد في الراوية السابقة باسم منبه بن أسلم، ومن المحتمل أن زيداً وأسلم هما اسم لشخص واحد، ثم بعد تمكنه من القبض على ثوره ووعدهم بجرش الشعير على لحم الثور صار يطلق عليه اسم جرش، ثم نسبت البلاد التي حصل بها جرش الشعير وأكل لحم الثور إلى اسم جرش.
ومن الجدير بالذكر؛ أن "بن جريس" يرجح؛ أن مخلاف جرش بجميع مدنه وقراه في الوقت الحالي لا يشتمل فقط على خميس مشيط وما حولها فقط، بل يشمل ويضم أغلب أقاليم عسير، وبخاصة الأجزاء السروية، حيث أن اسم جرش لم يكن يشمل المدينة فقط، وإنما كان يطلق على أغلب بلاد عشائر قحطان وشهران وعسير. وبهذا الامتداد، فإن القسم الشرقي من المخلاف، وربما كان يبعد قليلاً.
ومن نافلة القول هنا؛ أنّ أسرة آل قطنان (آل موسى) تلتقي مع هاتين الشخصيتين التاريخيتين (أسعد أبا كرب، وجرش بن أسلم) في الجد التاريخي الجامع "عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم"، وهذا ظهر من خلال دراسة علاقة نسبنا بنسب قبيلة يافع والتي تعد ميزان النسب لقبيلة حمير، وكما ظهر كذلك بشكل جلي وواضح من تحليل الحمض النووي (الهابلوغروب)، والذي توافق مع الموروث المحلي وكتب التاريخ وكذلك ما شهدت به الجغرافيا. المزيد
مدينة الصناعات الحربية الحميرية ... مخلاف جرش
ويجدر القول هنا؛ أن مخلاف جرش اشتهر قديمًا بالصناعات الحربية، فذاع صيت " جُرَش " كمدينة حضارية للمخلاف احتضنت صناعة الدبابات والمنجنيق، والعرادات والدبابات التي كانوا يصنعونها؛ وهي آلة من مادة الخشب مغطاة بجلود البقر يدخل فيها الرجال، ويقربونها من الحصن المحاصر لينقبوه، وهي تقيهم مما يرمى عليهم من حجارة، أما المجانيق والعرادات فهي من آلات الحصار، التي ترمى بواسطتها الحجارة الثقيلة على الأسوار.
ويُذكر أن الأغنياء من أهل مكة المكرمة والطائف وغيرهم من حواضر شبه الجزيرة العربية كانوا يذهبون إلى بلاد جرش ليتعلموا بعض الصناعات الحربية، قصد حماية أنفسهم وأموالهم، وممن ذهب إلى هناك أيام الرسول صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي، وغيلان بن سلمة اللذان سارا إلى جرش وأقاما فيها يتعلمان صناعة العرادات والدبابات أثناء محاصرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمدينة الطائف، وهذه الرواية وغيرها من الروايات تؤكد ما كانت تحتله جرش من مكانة مهنية، خاصة في المهن الحربية.
لما نزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)، أُعلن الإنذار في حج السنة التاسعة من الهجرة وتطايرت أخبار هذا الإنذار في الجزيرة العربية فاتجهت وفود القبائل العربية إلى المدينة المنورة لكي تعلن إسلامها وكان من ضمن الوفود وفد الأزد برئاسة صرد بن عبدالله الأزدي وقد توسم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مخايل الرئاسة فجعله على رئاسة قومه وأمره أن يجاهد بمن أسلم من قومه من حوله من المشركين..
وكان من أهل مدينة جرش هدفه الأول لاحتضانهم العديد من الأصنام الشركية فزحف بمجموعة من المسلمين حتى طوق مدينتهم، ولم يكن يخفى على أهل مدينة جرش زحف جيوش المسلمين عليهم فاتخذوا العدة لصد جيوش المسلمين عن المدينة وكانت مغلقة الأبواب حصينة الاسوار، وقد طوقها جيش المسلمين من الجهات الأربع وأحكم الحصار عليها وقطع المؤن عنها ودام الحصار شهرا لم يتمكن المسلمون من التأثير الحاسم على المدينة لحصانتها وعندما رأى القائد المحنك صرد بن عبدالله أن المدينة عصية على جيش المسلمين رغم الحصار الشديد فاتخذ خدعة الانسحاب لكي يوهم أهل جرش أنه ولى منهزماً عنهم حتى إذا كان بسفح جبل شكر خرج أهل مدينة جرش وأحلافهم في طلب جيش المسلمين ظناً منهم أنهم إنما ولوا عنهم منهزمين حتى إذا كانوا على مقربة من جبل شكر. ويُعرف في هذا الوقت (بالشكرات)، انقض عليهم جيش المسلمين في هجوم خاطف وتجاول الطرفان في معركة شعواء وتساقط القتلى من الطرفين وتعانق الفرسان في المعركة وأخيراً انهزم المشركون هزيمة نكراء فأعمل المسلمون فيهم السيوف حتى اعتصم من بقي منهم بالمدينة وغنم المسلمون من خيلهم عشرين فرساً ولم تكن لتخفى تلك المعركة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان قد بعث أهل جرش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين يستطلعان أخبار رسول الله وبينما كانا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عصر يوم المعركة جالسين مع أصحابه إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: بأي بلد شكر؟ قال الجرشيان: يا رسول الله ببلدنا جبل يقال له: كَشَر(وكذلك يسميه أهل جرش ) فقال رسول الله:إنه ليس بكشر ولكنه شكر، قال الجرشيان: فما باله؟ قال رسول الله: إن بُدُنَ الله لتنحر عنده الآن فجلس الرجلان إلى أبي بكر الصديق فقال لهما: ويحكما إن رسول الله لينعي لكما قومكما فقوما إلى رسول الله فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع ما نزل بقومكما، فقاما إليه فسألاه أن يرفع ما نزل بقومهما، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم ارفع عنهم، فخرج الرجلان من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما فوجدا قومهما أصيبوا في اليوم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر.
وفد جرش
بعد استسلام جرش للجيش الفاتح شكل أهل مدينة جرش وفداً للذهاب إلى المدينة المنورة لمبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى:
خرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا فقال: مرحباً بكم أحسن الناس وجوهاً وأصدقه لقاء وأطيبه كلاماً وأعظمه أمانة أنتم مني وأنا منكم وجعل شعارهم مبروراً وحما حمى حول قريتهم على أعلام معلومة.
وكان أول أمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم على جرش وأحوازها: صرد بن عبدالله الأزدي - مات في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:
1 - عبدالله بن ثور الأزدي - بقي إلى آخر خلافة عمر رضي الله عنهما.
2 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه، جد خلفاء بني أمية.
ولما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد أغلب قبائل العرب في اليمن وغيرها ما عدا أهل جرش فقد كتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى طاهر بن أبي هالة بالتوجه إلى صنعاء وإعانة (الأبناء) الذين بقوا على الإسلام في صنعاء، وقد كتب رضي الله عنه أيضاً عنه إلى عبدالله بن ثور بن أصغر الأزدي عامل جرش في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يجمع إليه العرب ومن استجاب له من أهل تهامة ويبقى مكانه حتى يأتيه أمره.
آل يوسف على خطوط التجارة والحج
ويوجد في قرية آل يوسف ثلاث أبراج حربية (قصاب)، على رؤوس ثلاث جبال، لم يتبق منها إلا واحدة.
وهي علامات لطرق التجارة والحج القديمة؛ وكانت الإمبراطورية الحميرية تعتبر هذه الخطوط جزء من السيادة الملكية لها، وجزء استراتيجي لأمنها الداخلي، فتسعى لتطويرها وبناء الأبراج الحربية والمرافق الخدمية للمسافرين على طرق الحج والتجارة.
بعد الإسلام؛ كانت هذه الأبراج الحربية (القصاب) جزء من مرافق الطرق التي كانت تقوم بها الخلافة الإسلامية في عصورها المتعاقبة لحماية وخدمة طرق التجارة والحج، فقد تتابع الخلفاء الأمويين والعباسيين على حماية طرق التجارة والحج اليمانية وتمويل أعمال الإصلاحات وتطوير المنافع والمرافق الواقعة على مسارات الطرق، وقد تزامنت إصلاحات الخليفة العباسي المهدي بن المنصور، وإصلاحات محمد بن خالد البرمكي الوالي العباسي بصنعاء على تمويل إنشاء أبراج المراقبة والحراسة بهدف الحفاظ على أمن وسلامة السالكين لهذه الطرق.
من نافلة القول هنا؛ أن آخر الإصلاحات لهذا الطريق تزامنت مع آخر ملوك آل يوسف الشراحين في العركبة في العقد الثالث للهجرة، فترة حكم الملك المظفر عبدالله بن يوسف الشراحي والذي حكم من مدينة العركبة وقصر المدورة في وصاب العالية، وأعطى خليفة بني العبّاس الدَّعوةَ والسِّكَةَ، أي الدعوة له على المنابر لأنه خليفة المسلمين، وسك العملة باسم الخليفة العباسي،
وبعد سقوط دولتهم تفرقوا في الأرض، ليفر بعضهم إلى يافع في وادي قطنان، وهديم قطنان (معالم أثرية من بقايا ممالك ذو رعين المتعاقبة مثل مملكة ردمان)، وبعضهم فر لبعض مواقع نفوذ سابقة، أو أحلاف قبلية متفرقة بين اليمن وعسير ومنطقة جيزان وحضرموت، وسنتتبعها بإذن الله في بحث مستقل قادم.